facebook

vendredi 25 octobre 2013



                                                                    معنى الإيمان بالله
حمد لله
الإيمان بالله هو الاعتقاد الجازم بوجوده سبحانه وتعالى ، وربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته .
الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور ، فمن آمن بها فهو المؤمن حقاًّ .
الأول: الإيمان بوجود الله تعالى
ووجود الله تعالى قد دل عليه العقل والفطرة ، فضلاً عن الأدلة الشرعية الكثيرة التي تدل على ذلك.
1 ـ أما دلالة الفطرة على وجوده: فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ )رواه البخاري (1358) ومسلم (2658) .
2 ـ وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى؛ فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجِدَ نفسها بنفسها ، ولا يمكن أن توجد صدفة .
فهي لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها لأن الشيء لا يَخلق نفسَه ، لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقاً ؟!
ولا يمكن أن توجد صدفة ، لأن كل حادث لا بد له من محدث ، ولأن وجودها على هذا النظام البديع المحكم ، والتناسق المتآلف ، والارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها ، وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعاً باتاًّ أن يكون وجودها صدفة ، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده ، فكيف يكون منتظماً حال بقائه ؟!
وإذا لم يمكن أن تُوجِد هذه المخلوقات نفسَها بنفسها، ولا أن توجَد صدفة، تعين أن يكون لها موجِدٌ وهو الله رب العالمين .
وقـد ذكر الله تعالى هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي في سورة الطور، حيث قال : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) الطور /35 .
يعني أنهم لم يخلقوا من غير خالق ، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم، فتعين أن يكون خالقهم هو الله تبارك وتعالى ، ولهذا لما سمع جبير بن مطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآيات : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون . أم خلقوا السمـوات والأرض بل لا يوقنـون . أم عندهـم خزائن ربك أم هم المسيطرون ) الطور /35-37 . وكان جبير يومئذ مشركاً قال : ( كاد قلبي أن يطير ، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي ) رواه البخاري في عدة مواضع .
ولنضرب مثلاً يوضح ذلك :
فإنه لو حدثك شخص عن قصر مشيد، أحاطت به الحدائق، وجرت بينها الأنهار، وملئ بالفُرُش والأَسِرّة، وزُيِّن بأنواع الزينة من مقوماته ومكملاته ، وقال لك : إن هذا القصر وما فيه من كمال قد أوجد نفسه ، أو وجد هكذا صدفة بدون موجد، لبادرت إلى إنكار ذلك وتكذيبه ، وعددت حديثه سفهاً من القول ، أفيجوز بعد ذلك أن يكون هذا الكون الواسع بأرضه ، وسمائه ، وأفلاكه ، البديعُ الباهرُ ، المحكَم المتقَنُ قد أوجد نفسه ، أو وجد صدفة بدون موجد ؟!
وقد فهم هذا الدليل العقلي أعرابي يعيش في البادية ، وعَبَّر عنها بأسلوبه ، فلما سُئِل : بم عرفت ربك ؟ فقال : البعرة تدل على البعير ، والأثر يدل على المسير ، فسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحار ذات أمواج ، ألا تدل على السميع البصير ؟!!
ثانياً: الإيمان بربوبيته تعالى
أي: بأنه وحده الرب لا شريك له ولا معين.
والرب : هو من له الخلق ، والملك ، والتدبير ، فلا خالق إلا الله ، ولا مالك إلا الله، ولا مدبر للأمور إلا الله ، قال الله تعالى : ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ) الأعراف /45 . وقال تعالى : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ) يونس/31 . وقال تعالى : ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ ) السجدة /5 . وقال : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ )فاطر/13 .
وتأمل قول الله تعالى في سورة الفاتحة : ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) الفاتحة /4 . وفي قراءة متواترة ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) وإذا جمعت بين القراءتين ظهر معنى بديع ، فالملك أبلغ من المالك في السلطة والسيطرة ، لكن الملك أحياناً يكون ملكاً بالاسم فقط لا بالتصرف ، أي أنه لا يملك شيئاً من الأمر ، وحينئذٍ يكون ملكاً ولكنه غير مالك ، فإذا اجتمع أن الله تعالى ملكٌ ومالكٌ تم بذلك الأمر ، بالملك والتدبير .
الثالث : الإيمان بألوهيته
أي : بأنه الإله الحق لا شريك له .
و(الإله) بمعنى (المألوه) أي : (المعبود) حباًّ وتعظيماً ، وهذا هو معنى (لا إله إلا الله) أي : لا معبودَ حقٌّ إلا الله . قال تعالى : ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) البقرة /163 . وقال تعالى : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران /18 .
وكل ما اتخذ إلهاً مع الله يعبد من دونه فألوهيته باطلة ، قـال الله تعـالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) الحج /62 .
وتسميتها آلهة لا يعطيها حق الألوهية . قال الله تعالى في ( اللات والعزى ومناة ) : ( إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ) النجم/23 .
وقال تعالى عن يوسف عليه السلام أنه قال لصاحبي السجن : ( أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ - مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ) يوسف /40 .
فلا يستحق أحد أن يعبد ، ويفرد بالعبادة إلا الله عز وجل ، لا يشاركه في هذا الحق أحدٌ ، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولهذا كانت دعوة الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم هي الدعوة إلى قول ( لا إله إلا الله ) قال الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء /35 . وقال : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) النحل/36 .
ولكن أبى ذلك المشركون ، واتخذوا من دون الله آلهة ، يعبدونهم مع الله سبحانه وتعالى ، ويستنصرون بهم ويستغيثون .
الرابع : الإيمان بأسمائه وصفاته
أي : إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ، ولا تمثيل . قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )الأعراف /180 .
فهذه الآية دليل على إثبات الأسماء الحسنى لله تعالى . وقال تعالى : ( وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) الروم /27 . وهذه الآية دليل على إثبات صفات الكمال لله تعالى ، لأن ( المثل الأعلى ) أي : الوصف الأكمل . فالآيتان تثبتان الأسماء الحسنى والصفات العلى لله تعالى على سبيل العموم . وأما تفصيل ذلك في الكتاب والسنة فكثير .
وهذا الباب من أبواب العلم ، أعني : أسماء الله تعالى وصفاته من أكثر الأبواب التي حصل فيها النـزاع والشقاق بين أفراد الأمة ، فقد اختلفت الأمة في أسماء الله تعالى وصفاته فرقاً شتى .
وموقفنا من هذا الاختلاف هو ما أمر الله به في قوله : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) النساء /59 .
فنحن نرد هذا التنازع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مسترشدين في ذلك بفهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهذه الآيات والأحاديث ، فإنهم أعلم الأمة بمراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم . ولقد صدق عبد الله بن مسعود وهو يصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( من كان منكم مستنا ، فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لإقامة دينه ، وصحبة نبيه ، فاعرفوا لهم حقهم ، وتمسكوا بهديهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ) .
وكل من حاد عن طريق السلف في هذا الباب فقد أخطأ وضل واتبع غير سبيل المؤمنين واستحق الوعيد المذكور في قوله تعالى : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء /115 .
والله تعالى قد اشترط للهداية أن يكون الإيمان بمثل ما آمن به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في قوله تعالى : ( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ) البقرة /137 .
فكل من بَعُدَ وحاد عن طريق السلف فقد نقص من هدايته بمقدار بعده عن طريق السلف .
وعلى هذا فالواجب في هذا الباب إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات ، وإجراء نصوص الكتاب والسنة على ظاهرها ، والإيمان بها كما آمن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم ، الذين هم أفضل هذه الأمة وأعلمها .
ولكن يجب أن يعلم أن هناك أربعة محاذير من وقع في واحد منها لم يحقق الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته كما يجب ، ولا يصح الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته إلا بانتفاء هذه المحاذير الأربعة وهي : التحريف ، والتعطيل ، والتمثيل ، والتكييف .
ولذلك قلنا في معنى الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته هو ( إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ) .
وهذا هو بيان هذه المحاذير الأربعة باختصار :
1- التحريف :
والمراد به تغيير معنى نصوص الكتاب والسنة من المعنى الحق الذي دلت عليه ، والذي هو إثبات الأسماء الحسنى والصفات العلى لله تعالى إلى معنى آخر لم يرده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .
مثال ذلك :
تحريفهم معنى صفة اليد الثابتة لله تعالى والواردة في كثير من النصوص بأن معناها النعمة أو القدرة .
2- التعطيل :
والمراد بالتعطيل نفي الأسماء الحسنى والصفات العلى أو بعضها عن الله تعالى .
فكل من نفى عن الله تعالى اسماً من أسمائه أو صفة من صفاته مما ثبت في الكتاب أو السنة فإنه لم يؤمن بأسماء الله تعالى وصفاته إيماناً صحيحاً .
3- التمثيل :
وهو تمثيل صفة الله تعالى بصفة المخلوق ، فيقال مثلاً : إن يد الله مثل يد المخلوق . أو إن الله تعالى يسمع مثل سمع المخلوق . أو إن الله تعالى استوى على العرش مثل استواء الإنسان على الكرسي . . . وهكذا .
ولا شك أن تمثيل صفات الله تعالى بصفات خلقه منكر وباطل ، قال الله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى /11 .
4- التكييف :
وهو تحديد الكيفية والحقيقة التي عليها صفات الله تعالى ، فيحاول الإنسان تقديراً بقلبه ، أو قولاً بلسانه أن يحدد كيفية صفة الله تعالى .
وهذا باطل قطعاً ، ولا يمكن للبشر العلم به ، قال الله تعالى : ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) طـه /110 .
فمن استكمل هذه الأمور الأربعة فقد آمن بالله تعالى إيماناً صحيحاً .
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان يتوفانا عليه .
والله تعالى أعلم .
انظر : رسالة شرح أصول الإيمان للشيخ ابن عثيمين .
معنى الاسلام

تقدّم القول أنّ تعدّد رسل الله واختلاف الأحكام التي جاءوا بها لا ينافي وحدة الدين بمعنى الرابطة الوثيقة بين الخالق والمخلوق‮. وكل كلمة من الله هي نور بدون اعتبار لزمانها ومكانها أو الأفق الذي أشرقت منه: فالزبور والتوراة والإنجيل والقرآن كلها كلماته ونوره ورباطه الوثيق وعهده المصون، كما قال تعالى: "مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يِتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ"١ ، فلا شك أن الآيات التي يتلوها أهل الكتاب هي آيات الإنجيل والتوراة، وليست آيات القرآن الكريم‮.
وفي قوله تعالى: "مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نَنْسِهَا نَأْتِ بِخَيرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا" بيان واضح يؤكد الوحدة التي تربط جميع آياته - بدون تخصيص أو تحديد - والعروة الوثيقة التي توحد الرسالات الإلهية المتعاقبة‮. والمستفاد من لفظ "‬نَنْسَخْ‮" أن بين آيات الله وحدة لا تنفصم بطول الزمن بين رسالة وأخرى، فالآية اللاحقة إن تعارض حكمها أو مفهومها مع آيات سابقة حلّت محلّها واعتبرت تعديلاً لها، لأنه لا يتصور وجود تناقض في كلام الله وتفاوت في الأحكام التي يطلب من عباده اتباعها في زمن معين‮. والآية المذكورة تجزم بأن الآية الناسخة إمّا تماثل المنسوخة أو هي خير منها.
ولا يفهم من لفظ "خير منها" في هذا الموضع معنى المفاضلة بين الآيات سواء من حيث صوابها أو دقة إحكامها، فذلك مناف للكمال الإلهي ودوامه على حال واحد لا أحسن فيها ولا أسوأ‮. فليست المفاضلة هي المراد من قوله: "بِخَيرٍ مِنْهَا" وإنّما المقصود أن الله يبدّل آياته وأحكامه بما يناسب مدارك الإنسان المتنامية، وظروف نشأته المتغيّرة‮. وواقع الحال أنه ليس تغييراً وتبديلاً لتصحيح أو تحسين الكلام، ولكنه استبدال اقتضاه التدرج في تربية الإنسان وتهذيب فكره وتنظيم حياته، فآيات الله نظم مكنون في كتاب محفوظ يكشف عنه رسله تعالى بقدر طاقة أهل الإمكان ووفقاً لمدى تقدمهم وقابلياتهم‮. وليس من شأن العبد أن يقارن أو يفاضل بين أجزاء هذا النظم، وإنّما واجبه التسليم والإيمان بما فيه "كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا"٢.
من هنا نرى أنّ الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية والزردشتية وسائر الديانات السماويّة كلّها من حيث أصولها وغاياتها فيض إلهي واحد، وهي تختلف بطبيعة الحال من حيث زمانها وأسلوبها وتعاليمها ولكنها متحدة في سعيها لعلاج ما اختل من شؤون المجتمع البشري بما يتفق مع درجة بلوغه ورشده، وإعداده لمتابعة السير في مراحل التطوّر الروحاني غير المتناهية.
وفي هذا السياق العام يمكن فهم قوله تعالى: "اليومُ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً"٣، فهذا الخطاب الرحماني موجّه بنوع الخصوص إلى أمّة سيدنا محمد ويحتمل أن تكون الإشارة فيه إلى رسالته‮. ولكن كلمة "‬الإسلام‮" في قوله تعالى "وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيْناً" تفيد أكثر من معنى‮. فلكلمة الإسلام لُغَةً معانٍ عدة‮. ومن معانيها الخضوع والانقياد لكل ما يأتي من عند الله، وإسلام الوجه إلى الله، وتفويض الأمر إليه‮. كما أن من معانيها أيضاً اتّباع شريعة محمد رسول الله‮.
وهذا المعنى الأخير الخاص للفظة "الإسلام" هو الذي اعتبره أكثر المفسّرين، فقد جاء في مختصر تفسير ابن كثير لهذه الآية "‬هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأُمّة حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره‮"٤ ويعود ابن كثير فيقول في الصفحة نفسها تفسيراً لهذه الآية: "لما نزلت "اليَومُ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ" وذلك يوم الحج الأكبر بكى عمر، فقال له النبي: ما يبكيك؟ فقال أبكاني أنّا كنّا في زيادة من ديننا، فأمّا إذا كمل فإنه لم يكمل شيء إلاّ نقص، فقال: "صدقت‮"‬، ويشهد لهذا المعنى الحديث الثابت: "إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء‮"٥.
ولا تـثريب على عامة المفسّرين إذا عظّموا دينهم ورفعوا قدره ومدحوه مع ملاحظة عدم الإسراف في ذلك، وإلاّ وقعوا في الخطأ الذي وقعت فيه الأمم السابقة فضيّقوا المعاني المبسوطة، وخصّصوا فيها بدون دليل، وأوجدوا التعصب الأعمى وأضلّوا الكثير من الناس‮. وقد رأينا - فيما سبق - أن اليهود اعتبروا كتابهم كاملاً حاوياً كل شيء، وما زالوا يردّدون أن شريعته شريعة أبدية لا تتغيّر وليسوا في حاجة إلى غيرها‮. وقد كان هذا الفهم صحيحاً في زمان شريعة سيدنا موسى كما صدّق بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: "ثُمَّ آتَيْنَا مُوْسَى الكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِم يُؤْمِنُونَ"٦، فكتاب سيدنا موسى عليه السلام كتاب تام، وفيه تفصيل كل شيء، ولكن إطلاق هذا الوصف على نحو يسد باب الهدى من بعده، وينهي رسالات الله، ويزعم أن "يَدْ اللهِ مَغْلُولَةًٌ"٧ تضييق للمعنى وخطأ أدّى بهم إلى تكذيب رسل الله الذين بعثهم الله بالحق من بعد سيدنا موسى.
فتخصيص معنى "الإِسْلاَمَ" على وجه الإطلاق لا يتفق وسياق الكلام، وينحرف عن المراد‮. وحصر معنى "الإِسْلاَمَ" في قوله: "وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً" في الإشارة إلى شريعة سيدنا محمد لا مبرر له ولا دليل عليه، فالآية تحتمل أيضاً المعنى العام للفظة "الإِسْلاَمَ" أي تسليم الوجه إلى الله والإذعان لأوامره تعالى وهذا هو جوهر الدين وحقيقته‮. وبهذا المعنى وصف الله الأمم السابقة بالإسلام كما قال في معرض الحديث عن سيدنا إبراهيم: "إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِيينَ"٨، أو دعاء سيدنا إبراهيم وإسماعيل "رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمِينَ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ"٩، وكذلك وصيّـته لبنيه: "يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُم الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ"١٠، كما كان حواريوا سيدنا عيسى أيضاً مسلمين: "فَلَمَّا أَحَسَّ عِيْسَى مِنْهُم الكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"١١.‬
فواضح من الآيات السابقة أن الإسلام بمعناه العام هو طاعة الله وإسلام الوجه إليه تعالى وهو أساس العبودية للّه ولا يتصوّر إيمان المرء بدين سماوي إلاّ إذا كان مقروناً بتسليمه لأمر الله ظاهراً وباطناً‮. وبهذا المعنى جاءت الآية المباركة: "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ"١٢. ومن الواضح أن صرف دلالة كلمة الإسلام - معرفة بالألف واللام - في هذه الآية إلى رسالة سيدنا محمد وحدها ينفي وصف الدين عن رسالة كل من سيدنا موسى وسيدنا عيسى، وهو ما يناقض آيات القرآن الصريحة بأن ما جاء به سيدنا موسى وسيدنا عيسى كان حقاً من عند الله‮. والمعلوم لغة أن كلمة "‬الدِّينَ" - معرفة بالألف واللاّم - وبدون تخصيص تعني أولاً: الرابطة بين العباد وخالقهم ولا تقتصر على رسالة معيّنة بل تشملها جميعاً.
‬كما تعني ثانياً: أن هذه الرابطة واحدة على ممرّ الزمن، وأن تتابع الشرائع المعدّلة لأحكام هذا الدين الواحد هي سرّ دوام حيوية هذه الرابطة وصلاحها مع تغيّرِ الظروف والأحوال.
‬والآية الواردة بعد "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلاَمُ" تبيّن بوضوح المعنى المراد إذ جاء القول فيها موجها إلى سيدنا محمد: "فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي للهِ". وبهذا أوضح الله تعالى أهمية إسلام العباد لتعاليمه وأحكامه بحيث صار الإسلام وصفاً شاملاً وشرطاً لكل الرسالات الإلهية، فسيدنا نوح جاء بدين وصفه الله تعالى بأنّه الإسلام: "وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ"١٣، وسيدنا يعقوب عليه السلام جاء أيضاً بالإسلام: "أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيْهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ ءَابَآئِكَ إِبْرَاهِيْمَ وَإِسْمَاعِيْلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"١٤، وكذلك سيدنا موسى عليه السلام: "وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَـَّما جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ"١٥، وسيدنا عيسى عليه السلام جاء بالإسلام: "وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحَوَارِيـِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسلِمُونَ"١٦.

وخلاصة ما تقدّم أنّ "للإسلام" أكثر من معنى فهو في موضع يعني استجابة العباد إلى أوامر الله وانقيادهم لمشيئته، وفي موضع آخر اسم رسالة من الرسالات السماوية.
أمّا قوله تعالى: "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنهُ"١٧ فيمكن حمل كلمة "الإسلام" في هذه الآية على معناها العام بناء على سياق الحديث في الآية السابقة "قُولُوا ءَامَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ وَإِسْمَاعِيْلَ وإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوْسَى وَعِيْسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِم لاَ نُفَرِّقُ بِيْنَ أَحَدٍ مِنْهُم وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ". فالإسلام بمعناه العام - كما رأينا - شرط لازم ومشترك لكل الشرائع، ويعني رفض الله أدنى تحفّظ أو تردّد من عباده إزاء قبول شرائعه وأوامره قبولاً غير مجزأ وغير مشروط، ولا يقبل منهم إلاّ تسليمهم التام لكل ما جاء فيها‮.
وبعبارة أخرى، إن الرسالات الإلهية المتتابعة لا تبغى اقتسام العباد، ولا تريد التفرقة، ولا تمس بوحدة الدين، وإنما هي - كبنيان مرصوص - تكمّل كل منها الرسالة السابقة عليها، فتبدّل بعضاً من أحكام الشريعة السابقة بأحكام تحقق الغايات نفسها، كما بدّلت شريعة سيدنا موسى شرع سيدنا إبراهيم، وكما نسخت شريعة السيد المسيح شرع سيدنا موسى، وكما نسخت شريعة سيدنا محمد شرع سيدنا المسيح وهلمّ جرّا، وهكذا تتصل كل رسالة بالأخرى وتكوّن حبلاً واحداً أمر الله الناس أن يعتصموا به، وذلك هو عهد الله مع عباده.
والمتدبّر في كتاب الله يتبين أن لله مع البشر عهدين: عهد عام مع الناس جميعاً أن يؤمنوا برسالاته ويتّبعوا أوامره ويسلّموا له بحكم الفطرة التي فطر الناس عليها "أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ"١٨، وعهد خاص يوثّـقه الله مع المؤمنين في كل رسالة من رسالاته وهذا مفهوم من لومه تعالى لبني إسرائيل لحنثهم بعهده الذي أوثـقه سيدنا موسى: "يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيكُم وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوْفِ بِعَهْدِكُم وَإِيَّايَ فَارْهَبُونَ"١٩، وجاء في تفسير الشيخ محمد عبده: "عهد الله تعالى إليهم يُعرف من الكتاب الذي نزّله إليهم، فقد عهد إليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وأن يؤمنوا برسله متى قامت الأدلة على صدقهم، وأن يخضعوا لأحكامه وشرائعه"٢٠. ولا يجوز القول: بأن الخطاب موجّه إلى بني إسرائيل ولا يصدق على غيرهم، لأن العدل الإلهي لا يخصّ قوماً بما يأباه على غيرهم فرحمته تعّم العالمين ونوره يهدي كل البشر، ولومه بني إسرائيل يصدق أيضاً على كل أمّة تعرض عن رسالاته وتتخذ منها موقفاً مماثلاً لموقف بني إسرائيل‮. ومضمون العهد الإلهي المشار إليه في الآية المذكورة صريح في قوله تعالى موجّهاً إلى بني الإنسان عامّة: "يَا بَنِي آدَمَ إمَّا يَأْتِيَنَّكُم رُسُلٌ مِنْكُم يَقُصُّونَ عَلَيْكُم ءَايَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوفٌ عَلَيْهِم وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"٢١.
وحقيقة أخرى تؤكدها هذه الآية المباركة ألا وهي وحدة دين الله التي لا تتعدّد بكثرة رسله وتعدّد شرائعهم على مدى الزمن، ومن ثم من يؤمن برسالة ولا يؤمن بأخرى، كأنه حنث بعهد الله، لأنّه قد احتجب بالتعدّد عن وحدانيته تعالى‮. وتبعاً لذلك مَن يـؤمن برسول دون رسول يكون قد غفل عن حقيقة التوحيد‮. وهذا قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيْدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيْدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاُ أُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ حَقّاً وَاعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً وَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُم أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيْهِم أُجُورَهُم وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً"٢٢.‬
هذا هو الكفر بأدق معانيه، ويختلف عما تظنّه العامّة الذين يعتبرون الكفر عدم الاعتراف بوجود الباري جلّ وعلا‮. وهذا تصوّر غير صحيح، فما من إنسان إلاّ ويعترف بوجود إلَه واحد مدبّر لشؤون الكون، حتى الطبيعيّين - على الرغم من عدم استعمالهم لفظ الجلالة - يعتقدون بوجود قوّة خفيّة مسيّرة للكون وإن كانوا لا يدركون كنهها ولا يعرفونها بغير هذا التعريف‮. فالكفرالحقيقي - كما صرحت الآية المباركة - هو التفريق بين رسل الله، والتفريق بينهم وبين الله عزّ وجلّ، وقبول واحد ورفض الآخر، فالذي يعترض على أيّ رسول إلهي في أيّ زمن من الأزمان يكون في الحقيقة قد قطع ما أمر الله به أن يوصل‮. وقد ذكّر حضرة بهاءالله هذه الحقيقة في تأكيد قاطع بقوله المنيع: "وإنّك أنت أيقن في ذاتك بأنّ الذي أعرض عن هذا الجمال فقد أعرض عن الرّسل من قبل ثم استكبر على الله في أزل الآزال إلى أبد الآبدين‭" ٢٣.